أسباب الإكتئاب النفسية والعقلية مفصلة بشكل علمي

أسباب الإكتئاب النفسية والعقلية مفصلة بشكل علمي تدور أغلبها حول فقدان التوازن النفسي والمعرفي بين المشاعر والأفكار الإيجابية والسلبية. والعلاقة التي تربط العقل والنفس بالجسد من حيث توازن كيمياء الدماغ وآلية ترجمة رسائل النواقل العصبية إلى مشاعر الكآبة والحزن الشديد ثم توليد التشوهات المعرفية.

أسباب الإكتئاب النفسية والعقلية مفصلة بشكل علمي
أسباب الإكتئاب النفسية

اسباب الاكتئاب النفسي

مسببات الإكتئاب النفسية والفكرية ترتبط إرتباطا وثيقا بأسباب الإكتئاب البيولوجية وذلك حسب نظرية الباحثين وعلماء الأعصاب. الذين يشتغلون على إيجاد سبب مادي بيولوجي لمرض الإكتئاب حيث على أساسه تنطلق رحلة البحث عن علاج الإكتئاب بالأدوية على شكل مضادات الإكتئاب. في المقابل فإن فريق آخر من علماء النفس يحاولون إثبات فكرة أن الإكتئاب له أسباب نفسية وعقلية. متعلقة بعدم قدرة الشخص على التحكم وإدارة مشاعره وأفكاره الإيجابية والسلبية.

أسباب الإكتئاب النفسية والفكرية حسب المدرسة المادية لا يتحمل فيها المريض أية مسؤولية حيث أن علماء الأعصاب ينظرون إلى هذا المرض النفسي والشخص المكتئب. على أنه ضحية الطفرات الوراثية والإضطرابات البيولوجية التي تؤثر على اللاوعي وتجعل الشخص يصاب بمرض الإكتئاب بشكل قهري. حيث أن قابلية التحكم وإدارة المشاعر والأفكار لا تساوي أي شيء بالنسبة للعلماء الماديين البيولوجيين. على النقيض من ذلك فإن علماء النفس يحملون مسؤولية الإصابة بالإكتئاب إلى المريض نفسه ويجردونه من تقمص دور الضحية. ويجعلونه يشارك بشكل رئيسي في رحلة البحث عن علاج الإكتئاب رفقة المساعد النفسي إضافة إلى إكساب المريض القدرة على التحكم وإدارة مشاعره وأفكاؤه ذاتيا.

أسباب الإكتئاب النفسية والعقلية كانت بالنسبة لي شخصيا أنا "عبد الهادي اليزغي" صاحب هذا الموقع معضلة كبيرة جدا. خصوصا أنني لم أستطع الربط بين نظرية العلماء الماديين البيولوجيين ونظرية علماء النفس. إلا بشق الأنفس ولهذا السبب قررت من خلال هذه التدوينة أن أخرج بحلول وسيطة. يمكنكم فهم من خلالها فهم أسباب الإكتئاب النفسية والمعرفية. وعلاقتها بالمشاكل والإضطرابات البيولجية على إعتبار أن الجسد هو البيت الذي تسكنه النفس والعقل.

ما هي أسباب الاكتئاب ؟

1) التوتر العصبي والضغط النفسي : تؤكد العديد من الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة في علم الأعصاب مثل هذه المذكورة على موقع psychiatryonline. أن التعرض بشكل مستمر ومزمن إلى التوتر العصبي والضغط النفسي يؤدي مع مرور الوقت إلى رفع إحتمالية التعض للعديد من الأمراض والإضطرابات الجسدية والنفسية. مثل مرض الإكتئاب الذي يعتبر من أشهر الأمراض النفسية التي تصيب عدد كبير من الأشخاص حول العالم بسبب الضغط النفسي والتوتر العصبي المزمن. الذي يرفع تركيز هرمون الأدرينالين والكورتيزول في الدم فينتج عن ذلك تدمير البنيات العصبية وخلل توازن كيمياء الدماغ. إضافة لخفظ قدرة مستقبلات النواقل العصبية على إنتاج المشاعر والأحاسيس النفسية. من جهة أخرى فإن التوتر المزمن لا يؤثر فقط على مشاعر النفس البشرية بل يغير كذلك من طريقة تفكير المريض المصاب بالإكتئاب. نتيجة فصل الجزء الأمامي من الدماغ فيجعله يرى الحياة بطريقة سلبية مما يجعل المريض يغرق من كلتا الجهتين في بحر مرض الإكتئاب رويدا رويدا.

2) نوبات الهلع والخوف الشديد : أسباب الإكتئاب النفسية يمكن أن يكون لها علاقة وطيدة بنوبات الهلع والذعر الشديد. الذي قد يتعرض له بعض الأشخاص خلال مسيرتهم الحياتية. صحيح أن الشعور بالخوف مسألة غريزية ولا يمكن أبدا تجاوزها لأن الخوف قد تطور مع الجنس البشري وكان له الفضل في حمايته من عدة مخاطر. لكن في وقتنا الراهن إنتقل الخوف من شكله الطبيعي إلى شكل جديد مرضي يقييد الشخص ويجعله يعاني بين مجموعة من المشاكل والإضطرابات الجسدية، النفسية والسلوكية. ولعل التعرض لنوبات الهلع هو أقصى درجات الخوف وذلك نتيجة بعض الأسباب أبرزها التعرض المستمر والمزمن للتوتر العصبي والضغط النفسي. الذي يعبد المسلك العصبي الغددي الذي يربط بين اللوزة الدماغية، تحت المهاد، الغدة النخامية والغدة الكظرية. الشيء الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى إفرازات عالية ومستمرة لهرمونات الأدرينالين والكورتيزول التي تقلص حجم مركز الذاكرة "الحصين". وتفصل الفص الأمامي للدماغ وتجعل المريض على أهبة الإستعداد للسقوط في أي لحظة بين أيدي مرض الإكتئاب.

3) الخلعة أو الصدمة النفسية : تسمى علميا بإضطراب التوتر ما بعد الصدمة "Post-traumatic stress disorder". هي عبارة عن إضطراب سريع وآني للحالة والوضعية النفسية بسبب عوامل وأحداث خارجية مفاجئة. مثل موت أحد الأقارب، فقدان العمل، التعرض لحادثة سير، الفشل في الإمتحان....). كل هذه الأسباب وغيرها تجعل الشخص يتعرض لشعور الصدمة النفسية أو الخلعة التي تحدث نتيجة الإفرازات العالية والمباغثة لهرمونات الأدرينالين والكورتيزول. التي تنبه بعض البنيات العصبية بشكل زائد عن اللزوم مثل اللوزة الدماغية المسؤولة عن إنتاج مشاعر الذعر والخوف وبنية الحصين المسؤولة عن تخزين المعلومات والذاكرة. فينتج عن ذلك فقدان التوازن الجسدي والنفسي خصوصا في عدم نسيان لحظة الصدمة النفسية ومشاعر الرعب التي رافقتها مما يؤثر على وظائف الدماغ الحيوية. مثل تنظيم فترات النوم والشهية الشيء الذي يؤثر على إنتاج وإفراز النواقل العصبية. المسؤولة عن إنتاج مشاعر السعادة والراحة النفسية مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بالإكتئاب.

4) فشل العلاقات العاطفية : الحب والإكتئاب تجمعهما رابطة قوية منذ القدم خصوصا أن العلاقة العاطفية التي تجمع بين شخصين. كما تؤكد الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة تساهم في إفراز مجموعة من المواد الكيميائية المسببة للإدمان مثل الأكسيتوسين، الدوبامين، السيروتونين...). هذا يفسر تماما ما يقع للعشاق عندما ينفصلان عن بعضهما البعض والأعراض الجسدية، النفسية والسلوكية التي تكون مشابهة لمدمن المخدرات. إضافة لمشاعر الغضب والحزن الشديد التي تظهر بسبب الإقلاع عن التواصل مع الطرف الآخر أو التقرب منه. وبشكل عام فإن العلاقات العاطفية الفاشلة يمكن أن تتعدى أضرارها الإصابة بمرض الإكتئاب إلى إدمان المخدرات بجرعات عالية. الشيء الذي يعود بالمريض إلى قفص الإكتئاب من جديد وأحيانا أخرى يمكن أن يتجه تفكير بعض المحبين إلى التخلص من الذات "الإنتحار".

5) سوء التحكم وإدارة المشاعر : يواجه عدد كبير من الأشخاص صعوبة كبيرة في التحكم وإدارة المشاعر لهذا السبب يتعرضون إلى نوبات الإكتئاب بشكل متكرر. فالمشاعر في العادة لا يمكن التحكم فيها بشكل كامل لكن يمكن الترويح عنها وتفريغها تفاديا لتطور تراكمها عبر آلية الكبت النفسي. في إتجاه ظهور العديد من المشاكل والإضطرابات الجسدية والعقد النفسية التي تزيد إحتمالية الإصابة بالإكتئاب. حيث كما أشار رائد ومؤسس مدرسة التحليل النفسي سيغموند فرويد أن الإكتئاب ما هو إلا تراكمات وكبت نفسي يحمله المريض منذ الصغر. يؤدي في الأخير إلى عرض الإكتئاب الذي إعتبره فرويد مجرد دلالة على أن آلية الكبث النفسي وصلت إلى حدها الأقصى. وأصبح الشخص لا يقوى على تحمل دفن المزيد من المشاعر. إضافة لذلك فإن فرويد إعتبر مرض الإكتئاب مجرد حالة إستمتاع من طرف الشخص المريض للتخفيف من حدة الكبث النفسي للمشاعر.

6) سوء التحكم وإدارة الأفكار : من أسباب الإكتئاب العقلية التي يواجهها العديد من الأشخاص تلك المتعلقة بنمط التفكير. حيث أن طريقة التفكير السلبية والمشحونة بالحسد والعقد والكراهية إتجاه المجتمع والأشخاص المحيطين يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بمرض الإكتئاب. هذا الأمر تم الإشارة إليه من طرف رائد علم النفسي المعرفي آرون بيك Aaron T. Beck. الذي أقر أن الإكتئاب هو حالة تراكم للأفكار السلبية في اللاوعي البشري والتي لا يتم التعبير عنها وتفريغ شحناتها المضرة للصحة الجسدية والنفسية. في المقابل فإن هذه الأفكار حسب نظرية آرون بيك يمكن أن تنحرف عن مسار التفكير الواعي وينتج عنها مجموعة من التشوهات الفكرية والإعتقادات الخاطئة. حول الأشخاص والمجتمع مما يؤدي في نهاية المطاف إلى التباعد وإنقطاع التواصل بين الأفراد.

7) الشخصيات الكمالية : قد يعتبر السعي للكمال والمثالية أحد أسباب الإكتئاب النفسية والعقلية عند بعض الأشخاص. خصوصا أولائك الذين يتأثرون بالشخصيات البارزة والمشاهير في المجالات السينمائية، الرياضية، المالية...). المثاليون لا يحبون الأخطاء الفادحة ويعاقبون أنفسهم على أمور تافهة ويدققون في كل كبيرة وصغيرة ويسرفون طاقة وجهد كبير في الجد والإجتهاد. ثم العمل والسهر لفترات طويلة من عمرهم رغبة في تحقيق أحلامهم لدرجة أنهم قد يهملون صحتهم الجسدية والنفسية الشيء الذي يجعلهم أكثر عرضة للأمراض والإضطرابات. فمرض الإكتئاب غالبا ما يكون من حظ العديد منهم لكن رغم ذلك لا يتوقفون عن العمل والتدقيق وملاحظة أي شيء. ربما قد يصل بعضهم لمرحلة من الإكتئاب لا يحب فيها الأشخاص العاديين والعيش بطريقة بسيطة مثلهم. فينتج عن ذلك فقدان حب مواصلة الحياة ثم يبدأ التفكير في الإنتحار خصوصا إذا لم يحقق ما كان يرجو الوصول إليه من طموحات وأهداف.

8) النظرة التفاؤلية والتشاؤمية للحياة : أسباب الإكتئاب النفسية والعقلية يمكن أن يكون لها علاقة بالنظرة التفاؤلية المبالغ فيها لبعض الأشخاص حول الحياة والواقع المعاش. حيث تجدهم يتوقعون الأفضل في كل شيء وينتظرون تحقق المعجزات بدون أن يتجهزوا ويشمروا على سواعدهم من أجل الإستعداد الجيد للأسوء. وتخطي الصعاب والمحن مهما كانت نتائجها عادة ما تكون أفكارهم بريئة وطفولية الشيء الذي يجعلهم معرضون بشكل كبير للإصابة بالإكتئاب. الذي تصبح أعراضه الجسدية والنفسية حادة ومؤلمة كلما إكتشفوا مدى تفاؤلهم المبالغ فيه. بالمقابل فإن أسباب الإكتئاب النفسية والعقلية يمكن أن يكون لها علاقة بالنظرة التشاؤمية المبالغ فيها لبعض الأشخاص حول الوقائع والأحداث التي تحملها الحياة بين طياتها. حتى لو كانت بعض الأحداث لا تستحق كل هذا التشاؤم. لكن وبشكل عام فإن هناك نوعين من الأشخاص المتشائمين. النوع الأول يكون إيجابيا يجعل التشاؤم الأشخاص تستعد على الأقل من الناحية النفسية للأسوء وتحضير بعض الخطط والإستراتيجيات البديلة للتكيف مع الظروف السيئة وغير ملائمة. أما النوع التاني يكون سلبيا يجعل التشاؤم الأشخاص تقع في شباك الإكتئاب فينتج عن ذلك اليأس والإحباط وفقدان الأمل في مواصلة الحياة "الإنتحار".

9) الأفكار والمعتقدات المشوهة : أسباب الإكتئاب يمكن أن يكون لها علاقة وطيدة بتفكير الإنسان والمعتقدات التي يؤمن بها. حول بعض الأشياء خصوصا إذا نشأ وتربى في وسط يشجع تصديق الأفكار الجاهزة والنمطية حول أشياء معينة. مثل بعض المدن والدول أو ممارسات وعادات معينة أو معايير الجمال عند الإنسان وصفات الذكاء والغباء عند بعض الطوائف. إضافة لمختلف الممارسات العنصرية إتجاه بعض الأجناس البشرية مثل النساء وأصحاب البشرة السمراء والأشخاص المصابون بالأمراض المزمنة مثل الأمراض النفسية. التي توجه إليهم عبارات بأنهم لا يستحقون الحياة وأنهم تعرضوا إلى اللعنة من طرف الآلهة والملائكة، هؤلاء الأشخاص يتعرضون إلى نوبات الإكتئاب بشكل متكرر. كلما حاولوا تغيير هذه الأفكار والمعتقدات المسبقة والنمطية أو الإصابة بمرض مزمن ما الشيء الذي يجعلهم يعلقون في شباك الإكتئاب لفترات طويلة من حياتهم.

10) المبالغة في حب المال والعمل : التعلق الشديد بالمال والعمل يمكن أن يكون من الأسباب الحقيقية للإصابة بمرض الإكتئاب. خصوصا في بعض الدول الصناعية مثل الصين والرأسمالية مثل الولايات المتحدة الأمريكية. حيث وصل فيها الأشخاص إلى درجة من التعلق بالمال والمناصب لدرجة أنهم تخلوا عن القيم والمبادئ الشخصية والمجتمعية. مما أدى إلى إنهيار التواصل والعلاقات الإجتماعية وأصبح كل فرد يفكر لمصلحته الشخصية فقط حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين. هذا الأمر ضاعف رأسمال الأشخاص خصوصا أصحاب الشركات العملاقة وأكسبهم مناصب إجتماعية عالية. لكنه في نفس الوقت كما أشار موقع researchgate عرضهم إلى الإصابة بالإكتئاب لأنهم بدأوا يدركون أن علاقاتهم الإجتماعية والأفراد المقربين إليهم لا يحبونهم بصدق. ولكن تواصلهم مبني على المصالح الشخصية فقط مما أدى إلى جعل الأفراد يفضلون العزلة والإنطواء الشيء الذي يجعلهم أكثر عرضة للإكتئاب. والتفكير في الإنتحار رغم توفر جميع مستلزمات الحياة للعيش برخاء ورفاهية.


أحبابي الكرام وصلنا لنهاية هذه التدوينة لا تنسوا مشاركتها مع أصدقائكم لتعم الفائدة إلى اللقاء 
عبد الهادي اليزغي

الصحة فري - لكل مرض علاج

الكاتب : عبد الهادي اليزغي
صفحة فيسبوك الصحة فري - لكل مرض علاج قناة يوتيوب الصحة فري - لكل مرض علاج صفحة تويتر الصحة فري - لكل مرض علاج صفحة لنكدن الصحة فري - لكل مرض علاج
الصحة فري - لكل مرض علاج
أنا طالب ماستر الصحة أقطن بالمغرب، تعرضت خلال مسيرتي الدراسية لعدة مشاكل صحية مثل القولون العصبي(بومزوي)، الخلعة، الإكتئاب، التوتر، ضيق التنفس، الضغط الدموي، الإمساك، البواسير.. دخلت الجامعة فأنقض العلم حياتي تابعوني على مواقع التواصل تحت شعار لكل مرض علاج.
تحذير هام : المواد المنشورة في موقع الصحة فري هي بمثابة معلومات فقط ولا يجوز اعتبارها استشارة طبية أو توصية علاجية؛ يجب البقاء على تواصل مع الطبيب بأي حال من الأحوال. المرجو الإطلاع على سياسة الخصوصية و شروط الإستخدام.
تعليقات